كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال العقيلي في حديثه عن غير ابن جريج: وهم، وقال فيه ابن حجر في التقريب: مقبول. اهـ.
وقد أخرج له مسلم، وقال البخاري في صحيحه في البيوع: وقال لي إبراهيم بن المنذر: أنبأنا هشام، أخبرنا ابن جريج، سمعت ابن أبي مليكة، عن نافع مولى ابن عمر قال «أيما ثمرة بيعت، ثم أبرت» وذكر الحديث من قوله: وهذا يدل على أنه أيضًا من رجال البخاري. وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب بعد أن ذكر هذا الكلام الذي ذكرنا: وأما كون المتقدمين، لم يذكروه في رجال البخاري، فلأن البخاري لم يخرج له سوى هذا الموضع في المتابعات وأورده بألفاظ الشواهد. انتهى منه.
وبما ذكرنا: تعلم أن حديث ابن عباس هذا عن ابن ماجه لا يقل عن دردة الحسن، مع أنه معتضد بما تقدم، وبما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقال الزيلعي في نصب الراية: وأخرج حديث ابن عباس المذكور الدارقطني في سننه، عن داود بن الزبرقان، عن عبدالملك، عن عطاء عن ابن عباس، وأخرج أيضًا عن حصين بن المخارق، عن محمد بن خالد، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله الحج كل عام؟ قال «لا بل حجة»، قيل: فما السبيل إليه؟ قال: «الزاد والراحلة» انتهى.
ثم قال: وداود وحصين وكلاهما ضعيفان. اهـ. وداود بن الزبرقان المذكور قال فيه ابن حجر في التقريب: متروك، وكذبه الأزدي، وحصين بن مخارق المذكور قال فيه الذهبي في الميزان: قال الدارقطني: بضع الحديث، ونقل ابن الجوزي أن ابن حبان قال: لا يجوز الاحتجاج بها. اهـ.
وهذا حاصل ما في حديث ابن عباس المذكورز وأما حديث أنس فقد أخرجه الحاكم في المستدرك: حدثنا أبو بكر محمد بن حازم الحافظ بالكوفة، وأبو سعيد إسماعيل بن أحمد التاجر، قالا: ثنا علي بن عباس بن الوليد البجلي، ثنا علي بن سعيد بن مسروق الَكِندي، ثنا ابن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قال قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال «الزاد والراحلة» ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد تابع حماد بن سلمة سعيدًا على روايته، قن قتادة: حدثناه أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه الفقيه ببخارى، ثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، ثنا أبو أمية عمرو بن هشام الحراني، ثنا أبو قتادة، ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى لاله عليه وسلم سئل عن قول الله {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا} فقيل: ما السبيل؟ قال «الزاد والراحلة» ثم قال هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ولم يخرجاه انتهى من المستدرك. وأقره على تصحيح الطريقين المذكورتين: الحافظ الذهبي، فحديث أنس هذا صحيح كما ترى، وقال صاحب نصب الراية: ورواه الدارقطني في سننه بالإسنادين اهـ.
وأما حديث عائشة فقد قال صاحب نصب الراية: أخرجه الدارقطني في سننه عن عتاب بن أعين، عن سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه عن عائشة قالت: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قال «السبيل: الزاد والراحلة» انتهى. رواه العقيلي في كتاب الضعفاء، وأعله بعتاب وقال: إن في حديث وهمًا. انتهى.
وقال البيهقي في كتاب المعرفة: وليس بمحفوظ، ثم أخرجه البيهقي، عن أبي داود الحفري، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن، قال: سئل النَّبي صلى الله عليه وسلم عن السبيل؟ فقال «الزاد والراحلة». اهـ.
وقد علمت مما ذكرنا: أن حديث عائشة المذكور أعله العقيلي بعتاب بن أعين، وقال: إن في حديثه وهمًا، وأن البيهقي قال: ليس بمحفوظ. وقد قال الذهبي في الميزان في عتاب المذكور، قال العقليلي في حديثه وهم. روى عنه هشام بن عبيد الله حديثا خولف في سنده. انتهى منه.
وأما مرسل الحسن الذي أشار له، فقد قدمنا الكلام عليه مستوفى قريبًا.
وأما حديث جابر، فقد قال صاحب نصب الراية: أخرجه الدارقطني، عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبي الزبير أو عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بلفظ: حديث عائشة، ومحمد بن عبد الله بن عبيد الله الليثي تركوه، وأجمعوا على ضعفه، وقد تقدم وقد قدمنا أن محمدًا المذكور لا يحتج به. وبهذا تعلم أن حديث جابر المذكور لا يصلح للاحتجاج.
وأما حديث ابن مسعود فقد قال صاحب نصب الراية: أخرجه الدارقطني، عن بهلول بن عبيد، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد الله بن مسعود بنحوه. وبهلول بن عبيد، قال أبو حاتم: ذاهب الحديث. اهـ.
وقال الذهبي في الميزان: في بهلول المذكور، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث ذاهب. وقال أبو زرعة: ليس بشيء وقال ابن حبان: يسرق الحديث. انتهى منه.
وبما ذكر تعلم أن حديث ابن مسعود المذكور، ليس بصالح للاحتجاج، وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، فقد قال صاحب نصب الراية أيضًا: أخرجه الدارقطني أيضًا، عن ابن لهيعة، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبيه، عن جده بنحوه. وابن لهيعة والعرزمي ضعيفان. قال الشيخ في الإمام: وقد أخرج الدارقطني هذا الحديث، عن جابر، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وليس فيها إسناد يحتج به انتهى منه.
هذا هو حاصل روايات الأحاديث الواردة بتفسير السبيل في الآية: بالزاد، والراحلة. وقال غير واحد: إن هذا الحديث لا يثبت مسندًا، وأنه ليس له طريق صحيحة، إلا الطريق التي أرسلها الحسن.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن حديث الزاد والراحلة، المذكور ثابت لا يقل عن درجة الاحتجاج، لأن الطريقين اللتين أخرجهما به الحاكم في المستدرك عن أنس قال: كلتاهما صحيحة الإسناد، وأقر تصحيحهما الحافظ الذهبي، ولم يتعقبه بشيء والدعوى على سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة في روايتهما الحديث، عن أنس، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنها غلط، وأن الصحيح عن قتادة عن الحسن مرسلًا دعوى لا مستند لها، بل هي تغليط وتوهيم، للعدول المشهورين من غير استناد إلى دليل.
والصحيح عند المحققين من الأصوليين والمحدثين: أن الحديث إذا جاء من طريق صحيحة، وجاء من طرق أخرى غير صحيحة، فلا تكون تلك الطرق علة في الصحيحة، إذا كان رواتها لم يخالفوا جميع الحفاظ، بل انفراد الثقة العدل بما لم يخالف فيه غيره مقبول عند المحققين.
فرواية سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة: الحديث المذكور عن قتادة عن أنس مرفوعًا لم يخالفوا فيها غيرهم، بل حفظوا ما لم يحفظه غيرهم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فادعاء الغلط عليهما بلا دليل غلط، وقول النووي في شرح المهذب، وروى الحالكم حديث أنس، وقال: وهو صحيح، ولَكِن الحاكم متساهل كما سبق بيانه مرات. والله أعلم.
يجاب عنه: بأنا لو سلمنا أن الحاكم متساهل في التصحيح، لا يلزم من ذلك أنه لا يقبل له تصحيح مطلقًا. ورب تصحيح للحاكم مطابق للواقع في نفس الأمر، وتصحيحه لحديث أنس المذكور لم يتساهل فيه، ولذا لم يبد النووي وجهًا لتساهله فيه، ولم يتكلم في أحد رواته بل هو تصحيح مطابق.
فإن قيل: متابعة حماد بن سلمة لسعيد بن أبي عروبة المذكورة راويها عن حماد، هو أبو قتادة عبد الله بن واقعد الحراني، وهو متروك، لا يحتج بحديثه، كما جزم به غير واحد من العلماء بالرجال. وقال فيه ابن حجر في التقريب: متروك فقد تساهل الحاكم في قوله: إن هذه الطريق على شرط مسلم، مع أن في إسنادها أبا قتادة المذكور.
فالجواب: أن أبا قتادة المذكور، وإن ضعفه الأكثرون، فقد وثقه الإمام أحمد وأثنى عليه، وناهيك بتوثيق الإمام أحمد وثنائه، وذكر ابن حجر والذهبي: أن عبد الله بن أحمد قال لأبيه: إن يعقوب بن إسماعيل بن صحبيح ذكر أن أبا قتادة المذكور كان يكذب، فمعظم ذلك عنده جدًّا، وأثنى عليه وقال: إنه يتحرى الصدق.
قال: ولقد رأيته يشبه أصحاب الحديث. وقال أحمد في موضع آخر: ما به بأس، رجل صالح، يشبه أهل النسك ربما أخطأ. وفي إحدى الروايتين عن ابن معين أنه قال: أبو قتادة الحراني ثقة. ذكرها عنه ابن حجر والذهبي، وقول من قال: لعله كبر فاختلط تخمين وظن لا يثبت به اختلاطه، ومعلوم أن المقرر في الأصول وعلوم الحديث: أن الصحيح أن التعديل يقبل مجملًا، والتجريح لا يقبل إلا مفصلًا، مع أن رواية سعيد بن أبي عروبة، عن أنس ليس في أحد من رواتها كلام.
ومما يؤيد ذلك موافقة الحافظ النقادة الذهبي للحاكم على تصحيح متابعة حماد، مع أن حديث أنس الصحيح المذكور معتضد بمرسل الحسن، ولاسيما على قول من يقول: إن مراسيله صحاح، إذا روتها عنه الثقات كابن المديني وغيره، كما قدمناه.
ويؤيد ذلك أن مشهور مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد الاحتجاج بالمرسل كما قدماه مرارًا، ويؤيده أيضًا: الأحاديث المتعددة التي ذكرنا، وإن كانت ضعافًا لأنها تقوي غيرها، ولاسيما حديث ابن عباس، فإنا قد ذكرنا سنده، وبينا أنه لا يقل عن درجة الاحتجاج.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: ولا يخفى أن هذه الطرق يقوي بعضها بعضًا، فتصلح للاحتجاج.
ومما يؤيد الحديث المذكور أن أكثر أهل العلم على العمل به، كما قدمنا عن أبي عيسى الترمذي أنه قال في حديث: الزاد والراحلة، والعمل عليه عند أهل العلم، وقد بينا أنه قول لأكثرين منهم الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد.
فالحاصل: أن حديث: الزاد والراحلة، لا يقل بمجموع طرقه عن دردة القبول والاحتجاج.
وأظهر قولي أهل العلم عندي أن المعتبر في ذلك ما يبلغه ذهابًا وإيابًا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي ولاله تعالى أعلم: أن حديث: الزاد والراحلة وإن كان صالحًا للاحتجاج لا يلزم منه أن القادر على المشي على رجليه بدون مشقة فادحة: لا يلزمه الحج، إن كان عاجزًا عن تحصيل الراحلة بل يلزمه الحج لأنه يستطيع إليه سبيلًا، كما أن صاحب الصنعة التي يحصل منها قوته في سفر الحج، يجب عليه الحج، لأن قدرته على تحصيل الزاد في طريقه كتحصيله بالفعل.
فإن قيل: كيف قلتم بوجوبه على القادر على المشي على رجليه، دون الراحلة مع اعترافكم بقبول تفسير النَّبي صلى الله عليه وسلم السبيل: بالزاد، والراحلة وذلك يدل على أن المشي على الرجلين ليس من السبيل المذكور في الآية.
فالجواب من وجهين:
الأول: أن الظاهر المتبادر أنه صلى الله عليه وسلم فسر الآية بأغلب حالات الاستطاعة، لأن الغالب أن أكثر الحجاج آفاقيون، قادمون من بلاد بعيدة، والغالب عجز الإنسان عن المشي على رجليه في المسافات الطويلة وعدم إمكان سفره بلا زاد، ففسر صلى الله عليه وسلم الآية بالأغلب، والقاعدة المقررة في الأصول: أن النص إذا كان جاريا على الأمر الغالب، لا يكون له مفهوم مخالفة، ولأجل هذا منع جماهير العلماء تزويج الرجل ربيبته التي لم تكن في حجره قائلين: إن قوله تعالى: {اللاتي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] جرى على الغالب، فلا مفهوم مخالفة له كما قدماه مرارًا، وإذا كان أغلب حالات الاستطاعة: الزاد والراحلة، وجرى الحديث على ذلك فلا مفهوم مخالفة له فيجب الحج على القادر على المشي على رجليه، إما لعدم طول المسافة، وإما لقوة ذلك الشخص على المشي، وكذلك يجب على ذي الصنعة التي يحصل منها قوته في سفره، لأنه في حكم واجد الزاد في المعنى، والعلم عند الله تعالى.
الوجه الثاني: أن الله جل وعلا سوى في كتابه بين الحاج الراكب، والحاج الماشي على رجليه. وقدم الماشي على الراكب، وذلك في قوله تعالى: {وَأَذِّن فِي الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالًا وعلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ}.
وقد قدمنا الكلام على هذه الآية الكريمة مستوفى، هذا هو حاصل ما يتعلق بالمستطيع بنفسه.
وأما ما يسمونه المستطيع بغيره فهو نوعان:
الأول منهما: هو من لا يقدر على الحج بنفسه، لكونه زمنًا، أو هرمًا ونحو ذلك، ولَكِنه لا مال يدفعه إلى من يحج عنه، فهل يلزمه الحج نظرًا إلى أنه مستطيع بغيره، فيدخل في عموم {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]؟ أو لا يجب عليه الحج، لأنه عاجز غير مستطيع بالنظر إلى نفسه، فلا يدخل في عموم الآية.
وبالقول الأول قال الشافعي وأصحابه. فيلزمه عندهم أجرة أجير يحج عنه بشرط: أن يجد ذلك بأجرة المثل. قال النووي: وبه قال جمهور العلماء، منهم علي بن أبي طالب، والحسن البصري، والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وداود. وقال مالك: لا يجب عليه ذلك، ولا يجب إلا أن يقدر على الحج بنفسه، واحتج مالك بقوله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى} [النجم: 39] وبقوله تعالى: {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، وهذا لا يستطيع بنفسه، فيصدق عليه اسم غير المستطيع وبأنها عبادة لا تصح فيها النيابة مع القدرة، فكذلك مع العجز، كالصلاة واحتج الأكثرون القائلون بوجوب الحج عليه بأحاديث رواها الجماعة.
منها: ما رواه البخاري في صحيحه: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس رضي الله عنهم: أن امرأة ح، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبدالعزيز بن أبي سلمة، حدثنا ابن شهاب عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فريضة الله أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: «نعم» وفي رواية في صحيح البخاري عن ابن عباس فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع.
وفي لفظ في صحيح البخاري، عن ابن عباس: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع. اهـ.
وقال مسلم في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس «أنه كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه قال: نعم. وذلك في حجة الوداع».
وفي لفظ لمسلم قالت: يا رسول الله: إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره. قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «فحجي عنه» اهـ.
وهذا الحديث الذي اتفق عليه الشيخان أخرجه باقي الجماعة، إلا أن بعضهم يرويه عن ابن عباس وهو عبد الله، وبعضهم يرويه عن أخيه الفضل بن عباس، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو داود في سننه: حدثنا حفص بن عمر، ومسلم بن إبراهيم بمعناه قالا: حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن أبي زرين قال حفص في حديثه رجل من بني عام أنه قال. يا رسول الله: إن إبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن، قال «احجج عن أبيك واعتمر» وقال أبو عيسى الترمذي: حدثنا يوسف بن عيسى، ن وكيع عن شعبة، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن أبي رزين العقيلي أنه أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أبي شيخ كبير إلى آخر الحديث كلفظ أبي داود الذي ذكرنا ثم قال: قال أبو عيسى: هذا حدث حسن صحيح، وإنما ذكرت العمرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: أن يعتمر الرجل عن غيره، وأبو رزين العقيلي اسمه لقيط بن عامر. انتهى منه.